News Details

برايم : اقتصاد كلى – عام من التعويم - القرار كان ذا ضرورة قصوى وقد دفع بدوره الاقتصاد الى نتائج مبشرة...(05/11/2017 09:19:51)



الآن قد مر عام، تقريباً، منذ أن اتخذت الحكومة المصرية قرارها التاريخى بتحرير سعر صرف الجنيه المصرى فى بداية نوفمبر 2016. وقد جاء القرار مصاحباً لعدة قرارات أخرى مستهدفةً الاصلاح المالى والنمو فى اطار محاولة الحصول على قرض صندوق النقد الدولى والبالغ 12 مليار دولار.



نحن نرى أن هذا القرار كان ذا ضرورة قصوى، وقد دفع بدوره الاقتصاد الى نتائج مبشرة...

فى مراجعتها الأولى لأداء الاقتصاد المصرى، رأت بعثة صندوق النقد الدولى أن مصر على المسار السليم وقد أحرزت ”بداية جيدة“...



فى منتصف يوليو 2017، قامت بعثة صندوق النقد الدولى بزيارة مصر لمراجعة أداء الاقتصاد المصرى فى اطار القرض المقدم من قبل الصندوق. وعلى إثر المراجعة، حينها، تم تسليم مصر الشريحة الثانية من القرض والبالغة 1.25 مليار دولار، وبذلك يكون مجموع ما تم تسليمه من شرائح هو 4 مليار دولار.

وقد صرحت البعثة أن انخفاض قيمة الجنيه المصرى بشكل فاق التوقعات بالاضافة الى ارتفاع معدلات التضخم بصورة كبيرة لا يزالان محلان للقلق، الا أن نتيجة الزيارة فى مجملها أن مصر على المسار الصحيح وقد أحرزت ”بداية جيدة“ وذلك بعد:

· تطبيق ضريبة القيمة المضافة؛

· تحرير سعر الصرف؛

· رفع الدعم عن المواد البترولية.

ومن المتوقع أن تكون المراجعة الثانية قد تمت بنهاية أكتوبر 2017، وعلى إثرها سوف تحصل مصر على الشريحة الثالثة من القرض والتى تبلغ 2 مليار دولار.





تم احتواء مخاطر أزمة نقص العملة الأجنبية...

فى محاولاتها الحفاظ على قيمة العملة المحلية، قامت السلطة باستنزاف الاحتياطى من النقد الأجنبى فى الوقت الذى كانت مصادر النقد الأجنبى الرئيسية هى نفسها تعانى، بعد 2011؛ مما دفع البلاد الى أزمة حادة تتمثل فى نقص العملة الأجنبية والتى استمرت لمدة عامين، مخلفة سوق سوداء شرسة، وقد تخطى الفارق بين سعر الصرف الرسمى والموازى نسبة 100% فى بعض الأحيان قبيل اتخاذ قرار التعويم. وقد أضرت تلك الأزمة بدخول الاستثمارات (سواء كانت استثمارات أجنبية مباشرة أو استثمارات محفظة) وخلقت بيئة من عدم التأكد وأدت الى ارتفاع أسعار معظم السلع فى السوق، فضلاً عن نقص بعضها. وقد حاولت السلطة النقدية مواجهة تلك الأزمة بعدة وسائل أهمها، فرض قيود على ايداع وسحب النقد الأجنبى، اصدار شهادات ”بلادى“ المقومة بالدولار الأمريكى ذات العائد المرتفع، بالاضافة الى عدة جولات من زيادة الجمارك للحد من الاستيراد.

وقد نجح قرار التعويم، والذى صاحبه رفع سعر الفائدة بنحو 300 نقطة أساس، بالاضافة الى اصدار شهادات ايداع ذات عائد مرتفع بلغ 16% و20%، كل ذلك نجح فى اختفاء السوق الموازية وتضييق الفجوة بين سعرى الصرف الرسمى والموازى، بالاضافة الى اجتذاب استثمارات الأجانب فى المحفظة (تم اجتذاب حوالى 3 مليار دولار خلال الأسبوعين التاليين لقرار التعويم، فقط).

وعليه تم احتواء أزمة نقص العملة الأجنبية، ولايزال البنك المركزى مستمراً فى ازالة أى قيود متبقية، تدريجياً.





وصول احتياطى النقد الأجنبى الى مستويات ما قبل 2011...

أدى قرار التعويم، مصاحباً للارادة القوية والجدية للسلطة انتشال الاقتصاد المصرى من الأزمة التى يمر بها، الى ارتفاع مستوى الاحتياطى الأجنبى من النقد الأجنبى.



فقد عانى الاحتياطى الأجنبى باستمرار منذ 2011، حيث تم استنزافه من خلال العطاءات الدورية التى كانت تتم اسبوعياً، فى الوقت الذى عانت الاستثمارات الأجنبية المباشرة وايرادات السياحة من حالة عدم التأكد والوضع الأمنى المتأزم، بينما عانت الصادرات البترولية وايرادات قناة السويس من انخفاض أسعار البترول العالمية والركود العالمى؛ بينما تأثرت عوائد المصريين العاملين بالخارج نتيجة تحولها الى قنوات أخرى غير النظام البنكى نتيجة وجود فجوة كبيرة بين سعرى الصرف الرسمى والموازى: بينما انخفض دعم الدول العربية، من جهة أخرى، بسبب الأزمات التى مرت بها اقتصادياتها على إثر انخفاض أسعار البترول العالمية، فضلاً عن تحول هيئة الدعم من صورة منح ومعونات الى قروض وودائع لدى البنك المركزى.



وعليه انخفض الاحتياطى الأجنبى باكثر من النصف من نحو 36 مليار دولار قبيل 2011 الى متوسط بلغ 15.3 مليار دولار، 16.3 مليار دولار، 16.8 مليار دولار و17.4 مليار دولار فى 2012، 2013، 2014، و2015، بالترتيب.

وقد ارتفع الاحتياطى الآن ليصل الى أعلى من 36 مليار دولار، مرة أخرى، بعد قرار تحرير سعر الصرف. جدير بالذكر أنه بالرغم من تحسن معظم مصادر النقد الأجنبى (ايرادات سياحة، استثمارات أجنبية مباشرة، عوائد تصدير، تحويلات العاملين بالخارج)، مضيفة الى ارتفاع الاحتياطى الأجنبى، الا أن الجزء الأكبر من الاحتياطى تم بناؤه من تدفقات استثمارات الأجانب قصيرة الآجل فى المحافظ والقروض الخارجية



فى تقريرنا السابق عن الاحتياطى الأجنبى، ذكرنا أن التوسع فى الاقتراض من قبل الحكومة بالاضافة الى تدفقات استثمارات الأجانب فى أدوات الدين المحلى قصيرة الآجل من شأنهما أن يضعا الحكومة فى مأزق عندما يحين استحقاق تلك الديون، خاصة عند معرفة أن 7.9 مليار دولار هى قيمة أذون الخزانة التى سيتم استحقاقها فى الشهرين المقبلين (4.1 مليار دولار واجبة السداد فى نوفمبر 2017 و 3.8 مليار دولار واجبة السداد فى ديسمبر)، بالاضافة الى مستحقات أخرى أهمها سداد المتبقى من القرض التركى والبالغ 400 مليون دولار (تم سداده بالفعل)، و500 مليون دولار و100 مليون دولار لتسوية ديون مع ليبيا والسعودية، بالترتيب. وكان من المفترض أن يكون العام المالى 2019/18 عاما صعباً، حيث كان من المفترض سداد 12.7 مليار دولار مستحقات ديون متوسطة وطويلة الآجال (منها 8.75 مليار دولار ودائع مستحقة لدى البنك المركزى)، الا أننا كنا قد توقعنا أن تنجح الحكومة فى جدولة ومد تلك الديون، وهو لحسن الحظ، ما تم بالفعل، حيث أنه من المخطط اصدار سندات دولارية بقيمة 1.5 مليار يورو قبل نهاية نوفمبر 2017 لتغطية المطلوب سداده من أذون الخزانة والتى سيحين ميعاد استحقاقها حينها، بالاضافة الى المساعى نحو تجديد اتفاقية الشراء واعادة الشراء لسندات تبلغ قيمتها نحو 2 مليار دولار والتى تم اصدارها مسبقاً فى بورصة ايرلندا وذلك قبل نهاية العام الجارى، كما تخطط الحكومة الى اصدار مزيداً من السندات الدولارية تبلغ ما بين 8 - 10 مليار دولار خلال عام 2018 لسد الفجوة التمويلية. كما وافقت كلا من السعودية والامارات على مد الودائع المستحقة فى العام المالى 2019 والتى تبلغ فى مجملها 4.6 مليار دولار (2.6 مليار دولار منها مستحقة لدى السعودية و2 مليار دولار مستحقة لدى الامارات) الى خمس سنوات اضافية، كما نتوقع أن توافق الكويت، هى الأخرى، على مد ودائعها والتى تبلغ 2 مليار دولار. كل ذلك من شأنه تخفيض الضغط عن الاحتياطى الأجنبى.

ومازلنا فى انتظار الشريحة الأخيرة من قرض البنك الافريقى للتنمية والبالغة 500 مليون دولار، بالاضافة الى مليار دولار كدفعة ثالثة (وأخيرة) من قرض البنك الدولى و700 مليون دولار من الدول السبع والمخطط الحصول عليهما بنهاية 2017، فضلاً عن الشريحة الثالثة من قرض صندوق النقد الدولى والبالغة 2 مليار دولار والمخطط الحصول عليها بعد مراجعة الصندوق لاداء الاقتصاد المصرى، كما ذكرنا مسبقاً.

حالياً، جزء كبير من تلك التدفقات النقدية الأجنبية يتم مقابلته بالتزامات الديون متوسطة وطويلة الآجال الواجب سدادها، الا أن تحسن أداء مصادر النقد الأجنبى الأخرى ونجاح السلطة فى ادارة ديونها من شأنهما تخفيف الضغط على الاحتياطى. نحن نرى الاحتياطى الأجنبى عند مستوى 40 مليار دولار بنهاية العام المالى 2018/17.

وذلك من شأنه السماح لارتفاع قيمة العملة المحلية، قليلاً، بالرغم من توقعاتنا باستمرارها عند نفس مستواها الحالى 17.6-17.7 جنيه مقابل الدولار حتى نهاية العام الجارى.

سداد مستحقات المستثمرين وطلبات الموردين المتأخرة بالكامل... وتحول صافى الأصول الأجنبية الى موجب مرة أخرى...

نجحت الحكومة فى سداد كافة الطلبات الدولارية المتراكمة من قبل المستوردين والشركات الأجنبية؛ حيث تم تسوية تلك الطلبات والتى تخطت 50 مليار دولار لتنفيذ معاملات تجارية منذ تعويم الجنيه، بالاضافة الى تلبية طلبات الشركات الأجنبية الراغبة في تحويل ارباحها الى الخارج.



من جهة أخرى، تحول صافى الأصول الأجنبية بصورة ملحوظة منذ قرار التعويم وذلك بعد وصولها الى انخفاض شديد بلغ –13.7 مليار دولار في الشهر السابق للتعويم، وقد سجل صافى الأصول الأجنبية قيم سالبة منذ أكتوبر 2015، أى منذ بداية أزمة نقص العملة الأجنبية.

وقد استمر صافى الأصول الأجنبية في الجهاز المصرفى المصرى في الزيادة منذ نوفمبر 2016، حتى تحول، أخيراً، الى قيم موجبة منذ مايو 2017؛ حيث تم اجتذاب نحو 57 مليار دولار في الجهاز المصرفى منذ التعويم.



وترجع تلك الزيادة الى قرار تعويم الجنيه المصرى الذى تم اتخاذه فى بداية نوفمبر 2016 بالاضافة الى قرار رفع أسعار الفائدة بنحو 500 نقطة أساس (300 نقطة أساس تم رفعها فى نوفمبر 2016 بينما تم رفع 200 نقطة أساس فى مايو 2017) - كما تم زيادة أسعار الفائدة 200 نقطة أساس أخرى فى يوليو 2017 - واللذان ادا الى زيادة استثمارات الأجانب فى أدوات الدين المحلى، حيث بلغت صافى مشتريات الأجانب نحو 10 مليار دولار، بالاضافة الى اصدار سندات دولارية بلغت قيمتها 6.8 مليار دولار (3.9 مليار دولار تم اصدارها فى يناير 2017، بينما تم اصدار سندات قيمتها 2.9 مليار دولار فى مايو 2017)؛ فى حين قامت الحكومة المصرية بسداد سندات تم استحقاقها بلغت 1.3 مليار دولار.



كما ارتفعت استثمارات الأجانب فى البورصة المصرية خلال العام المالى 2017 لتسجل صافى مشتريات بلغ 497.3 مليون دولار مقابل 157.1 مليون دولار فى العام المالى 2016.



بالاضافة الى ذلك فان الخصوم لدى البنك المركزى، قد ارتفعت هى الأخرى، بنحو 39% خلال العام المالى 2017/16 وذلك عند مقارنتها بالعام المالى 2016/15 مسجلة 8.1 مليار دولار مقابل 5.86 مليار دولار، وذلك بسبب المساعدات المالية الخارجية التى تم تقديمها لمصر فى الفترة الأخيرة.



ونحن نتوقع أن تستمر الخصوم لدى البنك المركزى فى الزيادة خلال العام المالى 2018/17 لتصل الى 8.5 مليار دولار على إثر استلام باقى دفعات القروض التى تم توقعيها لسد الفجوة التمويلية والتى توقعها صندوق النقد الدولى أن تبلغ نحو 9.4 مليار دولار بنهاية العام المالى 2018.



ومن ناحية أخرى، شهدت تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة زيادة قدرها 14% لنفس الفترة لتصل الى 7.9 مليار دولار فى العام المالى 2017/16 مقارنة بـنحو 6.9 مليار دولار فى العام المالى الأسبق، وذلك نتيجة لارتفاع صافى التدفقات الاستثمارية الداخلة الى قطاع البترول بنسبة 135% ليسجل 4 مليار دولار (مقابل 1.7 مليار دولار). ومع ذلك فان هذا الرقم لايزال منخفضاً مقارنة بالمستهدف -والمطلوب- من قبل صندوق النقد الدولى والبالغ 9.5 مليار دولار بنهاية العام المالى السابق؛ الا أننا نتوقع أن تتدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة بعد استقرار التذبذات الحالية فى سعر الصرف بعد قرار التعويم، بالاضافة الى تفعيل قانون الاستثمار الجديد، ومزيدا من التوسع فى السياسة النقدية خلال العام المالى 2018، وعليه نتوقع أن تسجل الاستثمارات الأجنبية المباشرة نحو 10 مليار دولار بنهاية العام المالى 2018/17.



شهد العجز الدائم فى الحساب الجارى انخفاضاً ملموساً نتيجة تحسن العجز التجارى وارتفاع ايرادات السياحة وعوائد المصريين العاملين بالخارج...

انخفض عجز الحساب الجارى بنسبة 21.5% فى العام المالى 2017/16 وذلك عند مقارنته بالعام المالى الأسبق ليسجل 15.7 مليار دولار مقارنة بنحو 19.8 مليار دولار فى العام المالى 2016/15.

ويعود الفضل فى ذلك الى انخفاض العجز التجارى بنسبة 8.4% على أساس سنوى بعد قرار تحرير سعر الصرف، حيث سجل 35.4 مليار دولار مقابل 37.6 مليار دولار تم تسجيلها فى العام المالى 2016/15 وذلك نتيجة تحسن أداء متحصلات التصدير بنحو 16% فى العام المالى 2017/16 وذلك عند مقارنته بالعام المالى الأسبق (بعد تدهور استمر 4 سنوات) مسجلةً 21.7 مليار دولار مقابل 18.7 مليار دولار، وجدير بالذكر أن كلا من الصادرات البترولية والغير بترولية قد شهدتا تحسناً وذلك نتيجة قرار تعويم العملة المحلية بالاضافة الى الارتفاع الذى شهدته أسعار البترول العالمية، وقد ارتفعت كلتاهما بنحو 16.2% و15.4%، بالترتيب. بينما انخفضت مدفوعات الواردات انخفاضاً طفيفاً بلغ 0.5% لتسجل 57.1 مليار دولار مقارنة بنحو 57.4 مليار دولار تم تسجيلها فى العام المالى 2016/15، نتيجة انخفاض الواردات الغير بترولية بحوالى 2.2 مليار دولار بينما ارتفعت الواردات البترولية بحوالى 1.9 مليار دولار.



نتوقع أن يساهم تعويم الجنيه المصرى فى زيادة متحصلات الصادرات غير البترولية فى العام المالى 2018/17 ،حيث نراها عند 18.7 مليار دولار. كما نتوقع ايضاً أن يساهم ارتفاع أسعار البترول العالمية فى زيادة متحصلات الصادرات البترولية الى 6.8 مليار دولار بنهاية العام المالى 2018/17، حيث نتوقع نهوض هذا القطاع مرة أخرى بسبب قرار التعويم والذى سيساهم فى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بالاضافة الى سداد الحكومة لمستحقات الشركات الأجنبية؛ فضلاً عن الزيادة المتوقعة فى متحصلات تصدير المنتجات البترولية عندما يبدأ تشغيل حقل ظهر ويبدأ فى التصدير بحلول العام المالى 2020/19.



بالنسبة لمدفوعات الواردات للعام المالى 2018/17، نتوقع أن ترتفع الى 60.9 مليار دولار بسبب ارتفاع أسعار البترول العالمية والتى نتوقع أن تزيد من قيمة مدفوعات الواردات البترولية الى 10.7 مليار دولار بنهاية العام المالى 2018/17. كما نتوقع ارتفاع مدفوعات الواردات غير البترولية الى 50 مليار دولار بسبب توقع زيادة معدلات الاستثمار والتصنيع.



وعليه، نتوقع أن يعاود العجز التجارى للارتفاع قليلاً بنسبة 1% مسجلاً 35.3 مليار دولار بنهاية العام المالى 2018/17 مقارنة بحوالى 35.1 مليار دولار فى العام المالى 2017/16. ونستطيع أن نتوقع مزيداً من الانخفاض فى العجز التجارى فى الأجل المتوسط عندما تعود الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتنهض الاستثمارات الخاصة ومساهمة كل منهما فى التصدير.



تحسن، أخيراً، الميزان الخدمى بنحو 4.5% على اساس سنوى فى العام المالى 2017/16 وذلك بعد تدهور استمر على مدار 15 شهراً مسجلاً 6.8 مليار دولار مقارنة بنحو 6.5 مليار دولار فى العام المالى الأسبق.



وبينما لا تزال ايرادات قناة السويس مستمرة فى الانخفاض بنحو 3.4% على أساس سنوى، ارتفعت ايرادات السياحة بنسبة 16.2% على أساس سنوى ولاتزال ترتفع عند مقارنتها على أساس ربع سنوى؛ مسجلةً 4.37 مليار دولار فى العام المالى 2017 مقارنة بنحو 3.8 مليار دولار فى العام المالى 2016.

الا أننا نتوقع أن تصل الى 7.5 مليار دولار فى العام المالى 2018/17 عندما يتم احتواء المخاطر الأمنية، كما نأمل، بالاضافة الى جاذبية انخفاض قيمة الجنيه.



من جهة أخرى، ارتفع ميزان التحويلات - للربع الثالث على التوالى - فى العام المالى 2017/16 وذلك بعد تحرير سعر الصرف، بنحو 4.1% مسجلاً 17.48 مليار دولار (منهم 17.32 مليار دولار تحويلات خاصة). نتوقع أن تصل تحويلات المصريين العاملين بالخارج الى 19.2 مليار دولار بنهاية العام المالى 2018.





أصعبها تصاعد الأسعار الى معدلات تاريخية غير مسبوقة...

سجلت معدلات التضخم معدلات تاريخية، حيث سجل معدل التضخم الرئيسى لحضر مصر 33% على اساس سنوى بنهاية يوليو 2017، بينما سجل معدل التضخم الأساسى35% لنفس الفترة. وارتفع متوسط تضخم الأسعار من 23% بنهاية العام المالى 2017/16 مقارنة بمتوسط قدره 11.2% بنهاية العام المالى 2016/15 وذلك نتيجة قرار تعويم الجنيه واجراءات الاصلاح الهيكلى المصاحبة له. ونحن نرى متوسط معدل تضخم الأسعار عند 21.6% بنهاية العام المالى الجارى، مع ملاحظة انخفاض المعدل بداية من شهر نوفمبر الحالى مقوماً بقاعدة مقارنة مرتفعة.



بدأت أسعار معظم البنود فى الاستقرار منذ شهر سبتمبر 2017 كاشارة الى احتواء الضغوط التضخمية (بالرغم من كونها لاتزال مرتفعة)، مجتمعة مع القرار الأخير الذى اتخذه البنك المركزى من رفع الاحتياطى الالزامى للبنوك من 10% الى 14% مما دفع البنوك الى خفض أسعار الفائدة على الودائع وحسابات التوفير، كل ذلك من شأنه أن يشير الى استغناء البنك المركزى عن استخدام أسعار الفائدة كأداة لمحاربة التضخم.



وعليه، نتوقع تعديل المسار نحو سياسة نقدية توسعية من أجل تشجيع الاستثمار وخفض عجز الموازنة، ونتوقع أن يحدث ذلك فى اجتماع لجنة السياسة النقدية للبنك المركزى القادم فى 16 نوفمبر، حيث نتوقع أن ينخفض سعر الكوريدور بنحو 200 نقطة أساس (لالغاء قرار اللجنة بزيادة أسعار الفائدة بصورة مؤقتة فى اجتماع مايو 2017). كما نتوقع أن تبدأ موجة من انخفاض أسعار الفائدة بالتزامن مع النصف الثانى من العام المالى 2018/17، على أن ينتهى العام المالى بانخفاضاً اجمالياً فى أسعار الفائدة ما بين 4-5% مستهدفاً النمو والذى حددت الحكومة معدلاً له يبلغ 4.5% كمستهدف مع نهاية العام المالى الحالى، وكخطوة لتخفيض مدفوعات خدمات الدين المحلى فى الموازنة لمساعدة الحكومة تحقيق المستهدف من عجز الموازنة العامة للدولة كنسبة من اجمالى الناتج المحلى والذى حددته الحكومة عند 9.1% مع نهاية 2018/17.





تفاقم الدين الخارجى...

دفع التوسع فى الاقتراض، من جانب الحكومة، الدين الخارجى ليسجل زيادة ملحوظة. حيث سجل 79 مليار دولار بنهاية العام المالى 2017/16 ممثلاً نحو 33.6% من اجمالى الناتج المحلى مقارنة بنحو 55.8 مليار دولار ممثلاً 16.6% من اجمالى الناتج المحلى فى بنهاية العام المالى السابق له. وترجع الزيادة الكبيرة فى تلك النسبة ليس فقط الى ازدياد التوسع فى الاقتراض وانما ايضاً الى قرار تعويم الجنيه المصرى والذى أدى بدوره الى خفض اجمالى الناتج المحلى مقوماً بالدولار بنسبة 38% من 330 مليار دولار فى العام المالى 2016/15 الى متوقع 235 مليار دولار بنهاية العام المالى 2017/16.

يلاحظ أن الدين الخارجى الحالى بدأ فى التخلى عن هيكله الآمن، حيث بدأ نصيب الدين الخارجى قصير الآجل كنسبة من اجمالى الدين الخارجى فى الارتفاع مقابل انخفاض نسبة الديون متوسطة وطويلة الآجال من اجمالى الدين الخارجى. حيث قفز الدين قصير الآجل من 6.9 مليار دولار (ممثلاً 12.6% من اجمالى الدين الخارجى) فى نهاية يونيو 2016 ليصل الى 12.3 مليار دولار (ممثلاً 15.6% من اجمالى الدين الخارجى) بنهاية يونيو 2017، وذلك بسبب ارتفاع استثمارات الأجانب فى أدوات الدين الحكومى قصيرة الآجل.



ركود تضخمى متوقع فى الآجل القصير بعد التعويم... مع توقع نهوض الاقتصاد فى الآجل المتوسط...

من المتوقع أن يبلغ معدل النمو الحقيقى بنهاية العام المالى 2017/16 نحو 4.1% منخفضاً من 4.3% بنهاية العام المالى 2016/15، وذلك بسبب انخفاض الاستهلاك الخاص منذ قرار التعويم واجراءات التقشف المصاحبة له، من جهة أخرى، تراجع معدل نمو الاستثمار على إثر استيعاب الانتاج لصدمة التعويم، بينما تحسن صافى الصادرات مقارنة بالعام السابق بسبب تحسن العجز التجارى.

وتشير معدلات النمو المستهدفة من قبل الحكومة للعاميين الماليين 2018 و2019 والبالغة 4.5% و5%، بالترتيب الى تغيير اتجاه السياسة النقدية المتوقع نحو التوسع، حيث لن يتم تحقيق تلك المعدلات الا عن طريق زيادة الاستثمارات الخاصة فى الوقت الذى يعانى فيه الاستهلاك الحكومى، كما ذكرنا، بينما متوقع أن ينخفض الاستهلاك الحكومى على إثر استهداف انخفاض الدين العام، بينما نتوقع أن يساهم أيضاً صافى الصادرات بشكل ملحوظ فى جذب قاطرة النمو فى الفترة القادمة.





الأفضل سيأتى، حتماً...

فى تقريرنا، حقبة اقتصادية واجتماعية جديدة، والذى تم نشره فى الشهر اللاحق لقرار التعويم، كنا نتسأل عن امكانية تكرار فترة الازدهار الاقتصادى (2004 - 2008) والتى تبعت قرار تعويم الجنيه فى عام 2003؛ وبتقييمنا لأداء الاقتصاد المصرى فى العام السابق والذى لحق قرار التعويم فى نوفمبر 2016، فإن اجابتنا هى نعم حيث سيتم احتواء مخاطر تضخم الأسعار التى يواجهها الاقتصاد الآن سريعاً، كما أن عجز الموازنة والدين العام بدءا فى الانخفاض بصورة ملحوظة، ويمكن تحسين معدلات التشغيل والتى ستؤدى بدورها الى ارتفاع الأجور الحقيقية لمواجهة القاعدة السعرية الجديدة المرتفعة بسبب قرار تعويم العملة المحلية. ويكمن السبيل الوحيد لتحقيق ذلك فى تحسن البيئة الاستثمارية وتشجيع الصادرات.