News Details

برايم : اقتصاد كلى - حقبة اقتصادية واجتماعية جديدة(20/12/2016 09:17:55)


v بعد انتظار دام طويلاً، تم اتخاذ خطوة تعويم الجنيه المصرى منذ ستة أسابيع، موثرةً فى الاقتصاد ككل بجانبيه من الانتاج والأستهلاك فى مواجهه صدمة زيادة تكلفة الانتاج وارتفاع تكلفة المعيشة، ومن هذا نستنتج أن الحكومة كانت، فى الواقع، تدعم الجنيه المصرى أكثر من أى سلعة أخرى وبتحرير سعر صرف الجنيه المصرى مقابل العملات الأخرى ستشهد مختلف شرائح المجتمع الاقتصادية والأجتماعية عهداً جديداً دافعاً اياهم إلى تعديل أنماط استهلاكهم خاصة مع كون مصر بلد مستوردة مرتبطة ارتباط وثيق بالدولار الأمريكي. ونحن نرى أن نظام الصرف الجديد سينقل الأقتصاد المصرى ككل إلى مستوى جديد من الأسعار (تغير المنحنى) دافعاً قيمة الأصول بالعملة المحلية الى الزيادة للتتلائم مع سعر الصرف الجديد ومع معدل تضخم جديد بالتبعية>

v وقد سجل كل من معدل التضخم القياسي والأساسي معدلات تاريخية على الأساسين الشهرى والسنوى خلال الشهر السابق والذى شهد قرار تعويم الجنيه. فقد وصل معدل تضخم الحضر الى 19.43% فى نوفمبر 2016 على أساس سنوى (20.2% للجمهورية) مقارنة بنحو 13.8% فى أكتوبر 2016، كما ارتفع معدل التضخم على أساس شهرى ليصل الى 4.85% فى نوفمبر 2016 مقارنة بنحو 1.7% فى أكتوبر 2016. أما معدل التضخم الأساسي فقد حقق ارتفاعاً هائلاً حيث بلغ 5.33% على أساس شهرى فى نوفمبر 2016 مقارنة بنحو 2.8% فى أكتوبر 2016. وذلك وقد تاثرت جميع البنود وخاصةً بتد الغذاء والمشروبات وبند النقل والمواصلات على إثر ضعف قيمة الجنيه ورفع الدعم عن المواد البترولية. مما يدفع توقعاتنا بالنسبة لمتوسط معدل التضخم للعام المالى 2017 ليصل إلى أعلى من 20% بالمقارنة بنحو 10.2% فى العام المالى السابق.

هل من الممكن تكرار فترة الاصلاح الأقتصادى الذهبية 2004-2008؟

v قبل قرار التعويم المدار للجنيه فى نهاية يناير 2003، عانى الاقتصاد المصرى من عدد من التشوهات منها انخفاض معدل نمو الناتج المحلى الحقيقي والذى لم يتجاوز 3% وعجز الموازنة كنسبة من الناتج المحلى الاجمالى والذى بلغ 10.3% فى المتوسط واستدامة ارتفاع معدل البطالة لاعلى من 10%, مع ضعفأداء القطاع المالى والمصرفى مع تقييد فى حركة تدفقات رأس المال. وفى 2004، تم تطبيق عدد من الاصلاحات الاقتصادية لازالة المعوقات التى كانت تواجهها البيئة الاستثمارية، وكان أهمها:

· تأسيس سوق صرف كفء فى 2004 ورفع القيود عن الحصول على العملة الاجنبية والتى كانت تكبح الاستثمارات فى مصر.

· تخفيض متوسط التعريفة الجمركية على الواردات على مرتين إلى نحو 6.9% بحلول 2007 مما اسهم فى الاسراع من عملية التكامل مع الاقتصاد العالمى.

· تخفيض ضريبة الدخل والضريبة على الشركات وتطوير الادارة الضريبية والاتجاه إلى التقدير الذاتى لضريبة الدخل.

· تبسيط الاجراءات للاسراع من عملية الافراج الجمركى وتسهيل عملية تسجيل الشركات الجديدة والاملاك.

· خصخصة عدد كبير من الأصول المنتجة ومنها بعض البنوك. وبنهاية هذه الفترة كان أكثر من نصف القطاع المصرفى فى أيدى القطاع الخاص.

· بالاضافة الى ذلك، راجعت الحكومة أسعار منتجات الطاقة المنخفضة، حيث تم رفع أسعار السولار فى منتصف 2004، اتبعه ارتفاع أسعار باقى المواد البترولية فى منتصف 2006، وفى نهاية 2007 أطلقت الحكومة خطة مدتها ثلاثة أعوام لرفع الدعم عن معظم منتجات الطاقة للمصانع.

v وقد أسفرت تلك الاصلاحات عن تضاعف معدل النمو السنوى للناتج المحلى الاجمالى فى المتوسط فى الفترة ما بعد الاصلاحات بالمقارنة بما قبلها. مدفوعاً بازدهار الاستثمارات المحلية والأجنبية وكذلك الصادرات. ففى خلال العام المالى 2007/2008 حقق الاقتصاد المصرى معدل نمو حقيقى قدره 7.2% مقارنة بنحو 4.1% فى 2003/2004، كما ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلى الاجمالى بنحو 5.2% فى العام المالى 2008 مقارنة بنحو 1.2% فى العام المالى 2004.

v ومن الدلائل على زيادة انتاجية الاقتصاد المصرى، استمرار معدل البطالة فى الانخفاض ووصوله إلى أقل من 8.4% فى الربع الاخير من 07/2008 مقارنة بنحو 8.9% فى 06/2007 و11.1% فى 03/2004.

v بالاضافة الى ذلك، فقد اتضحت قوة القاعدة الرأسمالية بتغير تكوين ونوعية الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتغير فى نوعية السلع المستوردة والمصدرة والتى كانت تعكس التطور فى نوعية النمو الاقتصادى فى مصر.

v كما عكست نتائج الموازنة العامة للدولة للعام المالى 2007/2008 تحسناً مستمراً فى المؤشرات المالية الاساسية. حيث انخفض العجز الكلى كنسبة من الناتج المحلى الاجمالى فى 07/2008 مسجلاً 6.8%، منخفضاً عن المستهدف من الحكومة انذآك والبالغ 6.9% ومقارنة بمتوسط 10.1% فى الفترة من 00/2001 - 03/2004 و. وقد نتج التحسن فى نتائج الموازنة فى الأساس بسبب تحسن الايرادات والتى زادت بصورة ملحوظة بنحو 21% فى 07/2008 وذلك عند مقارنتها بالسنة السابقة نتيجة لزيادة الايرادات الضريبية على إثر تحسن النشاط الاقتصادى وذلك بالرغم من زيادة الاجور والتعويضات الاخرى فى القطاع العام .

v وقد ساعد وجود سياسات اقتصادية كلية مستقرة ونظام سعر صرف مرن وزيادة التعامل عن طريق الانتر بنك فى تطور السياسة النقدية ومرونتها. فقد ارتفع معدل النمو الائتمانى للقطاع الخاص بنحو %12.65 بنهاية 07/2008 مقارنة بنحو 4.5% فى يونيو 2004، كما ارتفع صافى الاصول الأجنبية بنحو 39% على أساس سنوى فى السنة المالية 2007/2008 و استمر معدل الدولرة فى الانخفاض إلى 20.8% فى يونيو 2008 مقارنة بنحو 23% فى العام السابق و28.4% فى يونيو 2004.

v بالاضافة إلى ذلك، حقق ميزان المدفوعات فائض بداية من 04/2005 مما أدى إلى زيادة صافى الاحتياطى الأجنبى إلى ما يساوى 6 اشهر من الواردات من 14.8 مليار دولار فى 04/2005 وصولاً الى 34.6 مليار دولار فى نهاية العام المالى 07/2008 مقوماً بارتفاع الاستثمار الاجنبى المباشر والذى قفز ليبلغ 13.2 مليار دولار أو 8.1% من الناتج المحلى الاجمالى فى 07/2008 مقارنة بنحو 407 مليون دولار او 0.5% فى 2004 دافعاً نسبة الاستثمار من الناتج المحلى الاجمالى لتصل الى 22.4% فى 2008 مقارنة بنحو 16.9% فى 2004.

v وقد شهد معدل تضخم الأسعار قفزة هائلة فور تطبيق قرار التعويم فى 2003، حيث ارتفع من معدل قدره فى المتوسط 2.4% فى السنوات التى سبقت القرار، ليسجل 10.3% و11.4% فى العاميين الماليين 2004 و2005، بالترتيب. الا أنه يمكننا القول أن نجاح الاصلاحات الاقتصادية التى سبق ذكرها والتى نجحت فى تحسين الأداء الاقتصادى وانخفاض معدلات البطالة، قد نجحت أيضاً فى زيادة الدخول الحقيقية لمواجهة المستوى الجديد من الأسعار المرتفعة فى ذلك الوقت (مستوى جديد من الأسعار كالذى يواجهه الاقتصاد المصرى الآن)، وعليه انخفض معدل التضخم مرة أخرى ليصل الى 4.2% فى العام المالى 2006.

v الا أن تضخم الأسعار قد تم استيراده فى العامين التاليين نتيجة الصدمات الخارجية التى تعرض لها الاقتصاد المصرى فى صورة ارتفاع الأسعار العالمية للغذاء والوقود فى 2007، ثم الأزمة المالية العالمية التى شهدها عام 2008، مما دفع معدل التضخم للارتفاع ليصل الى 16.2% فى العام المالى 08/2009، وهو العام الذى شهد ارتفاعا تاريخياً ف معدلات التضخم على أساس سنوى والذى تخطى 23% فى بعض شهوره (معدلات تضخم قريبة من تلك التى يشهدها الاقتصاد المصرى الآن).

v ولمواجهة هاتين الصدمتين والتى آثرتا على جانبى الاستهلاك والاستثمار، فقد قررت الحكومة أن تضخ حزمة تحفيزية قدرها 14 مليار جنيه فى مايو 2008 وتطبيق اصلاحات ضريبية (منها وقف الاعفاءات الضريبية وزيادة ضريبة المبيعات على السجائر وبعض المنتجات البترولية). وقد تم استخدام تلك العوائد لتمويل العلاوات وتحسن الأجور فى الجهاز الادارى لنحو 5.8 مليون موظف حكومى وزيادة نصيب الفرد من السلع على البطاقات التموينية والتى يستخدمها نحو 11 مليون أسرة.

v ولمواجهة الأزمة المالية العالمية والتى اثرت على تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة الى مصر، حيث انخفضت من نحو 13.2 مليار دولار فى العام المالى 2008 لتصل الى 8.1 مليار دولار فى العام المالى 2009 (بانخفاض قدره 39%) مما دفع معدل البطالة الى الارتفاع ليصل الى 9.4% فى العام المالى 2009 مقارنة بنحو 8.4% فى العام المالى السابق له. وعليه، قررت الحكومة أن تستجيب لتلك الأزمة عن طريق تطبيق سياسات تحفيزية للاستثمار تبلغ نحو 1.5% من اجمالى الناتج المحلى عن طريق تنفيذ مشروعات فى البنية الأساسية وذلك للحفاظ على معدلات النمو المحققة.

v وبسبب ضخ تلك الحزم التحفيزية، ارتفع عجز الموازنة العامة ليصل الى 8.2% من اجمالى الناتج المحلى فى العام المالى 2010 مقارنة بأقل مستوياته والتى بلغت 6.8% فى العام المالى 2009. الا أن تلك السياسات نجحت فى خفض معدل التضخم ليصل الى 11.7% فى العام المالى 2010.

v وقد عاد الاقتصااد المصرى مرة أخرى ليواجه العديد من الاختلالات والمشاكل الاقتصادية بعد ثورة 25 يناير 2011.

v ومن التحليل السابق، يمكننا القول أنه نعم، يمكن تكرار الأيام الذهبية لفترة النمو الاقتصادى 2004 - 2008، حيث يمكن احتواء مخاطر تضخم الأسعار التى يواجهها الاقتصاد الآن، كما يمكن تخفيض عجز الموازنة والدين العام، ويمكن تحسين معدلات التشغيل والتى ستؤدى بدورها الى ارتفاع الأجور الحقيقية لمواجهة القاعدة السعرية الجديدة المرتفعة بسبب قرار تعويم العملة المحلية. ويكمن السبيل الوحيد لتحقيق ذلك فى فى تحسن البيئة الاستثمارية وتشجيع الصادرات. وعليه، فان مزيداً من المجهودات تستحق أن تبذل فى سبيل:

· تفعيل الاصلاحات المؤجلة والتى تهدف الى تشجيع الاستثمار (وأهمها سياسة الشباك الواحد ووضع اطار محدد لسياسة المحاسبة الضريبية) والقضاء على البيروقراطية.

· مزيد من سياسة نقدية توسعية عن طريق تخفيض سعر الفائدة، مع رفع الحكومة يدها عن الاستثمارات القومية والتى تزاحم بها الاستثمارات الخاصة وتؤدى بدورها الى رفع الفوائد نتيجة التوسع فى الاقتراض من جانب الحكومة.

· خلق حوافز وبرامج لتشجيع المصدرين ودعمهم.





v استجابت البورصة المصرية بقوة لمراحل تطور الاقتصاد المصرى خلال العقدين السابقين مؤكدةً على كونها “مرآة للاقتصاد“.



v بعد تعويم الجنيه المصرى، وبالتحول للحديث من حيث القيمة الدولارية، فإنه مع نهاية اكتوبر 2016، بلغ رأس المال السوقى لمؤشرEGX30 نحو 413.425 مليار جنيه او 46.56 مليار دولار بسعر صرف 8.88 جنيه للدولار. بنهاية نوفمبر 2016 بلغ رأس المال السوقى لمؤشرEGX30 نحو 566.196 مليار جنيه مصرى محققاً نمو بنسبة 37%. على الجانب الاخر، فإنه من حيث القيمة الدولارية، انخفض رأس المال السوقى لمؤشرEGX30 بنحو 32.4%، خلال شهر نوفمبر 2016، ليصل إلى 31.46 مليار دولار باستخدام سعر صرف 18.0 للجنيه مقابل الدولار. بالرغم من انخفاض قيمة الجنيه بنحو 51%، انخفض رأس المال السوقى لمؤشر EGX30 بالقيمة الدولارية بنحو 32.4% نتيجة لتسجيل مؤشرEGX30 صعود قوى خلال نوفمبر 2016 بنحو 37% كرد فعل لقرار تعويم الجنيه. حقق مؤشر EGX30 عائد 62% منذ بداية العام وحتى نهاية جلسة الخامس عشر من ديسمبر 2016 و33% من بعد قرار التعويم وحتى 15 ديسمبر 2016.



v بناء على ذلك، نؤمن بأن البورضة ستستجيب بقوة للتطورات التى تشهدها مصر على مستوى الاقتصاد الكلي خلال الفترة المقبلة، ممهدة الطريق لمرحلة انتقاء الأسهم. اعتقادنا نابع من الحقيقة التى تم ذكرها فى بداية هذا التقرير وهى ان التعويم قد نقل الاقتصاد إلى مستوى أخر من الأسعار وبالتبعية أسعار الأصول. على سبيل المثال، مع انخفاض قيمة الجنيه خلال عام 2016 لاحظنا ارتفاع حاد فى أسعار السيارات المستعملة والتى يجب عدم ربطها بالدولار ولكن هذه الزيادة جاءت كنوع من التأقلم مع المستوى الجديد للأسعار الناتجة عن انخفاض قيمة الجنيه، فى محاولة للحفاظ على قيمة الأصول او على الاقل تاثُرها بدرجة طفيفة. ينطبق ذلك على قيمة مؤشر EGX30بالدولار، والتى انخفضت كما أوضحنا. بناء على ذلك، نتوقع أن تتجه أسعار والقيم العادلة لجميع الاوراق المالية إلى مستوى جديد كرد فعل للتأقلم مع المستوى الجديد للأسعار فى الفترة المقبلة.