News Details

بنك الكويت الوطني : تعافي الاقتصاد المصري لا يزال على المسار الصحيح(02/03/2021 11:34:29)

قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني إن مصر نجحت في إدارة أزمة جائحة فيروس كورونا بشكل جيد بفضل سياسات الإغلاق المبكر والتدابير الاحترازية التي اتبعتها إدارات الصحة العامة، فضلاً عن تطبيق إجراءات مالية ونقدية هامة، وتضاف تلك الجهود إلى إجراءات الإصلاح الاقتصادي السابقة التي ساهمت في تحسين المؤشرات الرئيسية للاقتصاد الكلي بصفة عامة وعززت من مرونة الاقتصاد الكلي.
وأشار البنك، في تقريره الاقتصادي ربع السنوي الأول من عام 2021 إلى أن مصر شهدت في الآونة الاخيرة زيادة عدد حالات الإصابة بالفيروس وتخطت الإصابات اليومية أكثر من 1000 حالة في يناير قبل أن تتراجع إلى 600 حالة في المتوسط في فبراير، رغم ذلك لم يتعد إجمالي الإصابات والوفيات أكثر من 178 ألف حالة إصابة و10 آلاف حالة وفاة منذ بداية تفشي الجائحة.
فيما يعد أقل من المتوسط المسجل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وفي جميع أنحاء العالم، وفي إطار مساعي الحكومة المصرية لاحتواء الجائحة، بدأت حملة التلقيح ضد فيروس كورونا في 24 يناير عن طريق تطعيم العاملين في المجال الطبي في مستشفيات الحجر الصحي باستخدام لقاح سينوفارم الصيني، والتوسع قريباً في استخدام لقاح استرازينكا البريطاني ولقاح سبوتنيك الروسي.
يزال يمثل تحسناً ملحوظاً عن المستويات التي شهدناها في ذروة أزمة الجائحة (29.7 في أبريل) ومقارنة بأداء العام الماضي (46 في يناير 2020).
كما أشار التقرير إلى أنه ساهمت الإصلاحات الاقتصادية الجادة التي بدأت منذ عام 2017 في تعزيز مرونة الاقتصاد وجعله أكثر قدرة على مواجهة الصدمات، وكانت مصر إحدى الدول القليلة التي تمكنت من تحقيق نمو اقتصادي في عام 2020، إذ وصل معدل النمو إلى 3.6% في السنة المالية 2019/2020 (يوليو-يونيو) مقابل 5.6% في العام السابق.
وكشفت أحدث البيانات عن استمرار وتيرة الانتعاش في الربع الثالث من عام 2020 (الربع الأول من السنة المالية 2020/2021)، إذ ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.7% على أساس سنوي مقابل انكماش بنسبة 1.7% في الربع السابق وسط تخفيف قيود الإغلاق وعودة فتح الأنشطة الاقتصادية تدريجياً، كما ساهمت السياسات المالية والنقدية التيسيرية ومواصلة الجهود الإصلاحية في إحراز هذا التقدم.
كما أظهر أداء مؤشر مديري المشتريات، والذي يعد من أهم المؤشرات الاقتصادية الرئيسية، علامات تدريجية على الانتعاش، واتخذ المؤشر الكلي اتجاهاً تصاعدياً، إذ بلغ في المتوسط 50.2 في الربع الرابع من عام 2020 بعد تسجيله 49.8 و38.3 في الربع الثالث من 2020 والربع الثاني من عام 2020.
يشير إلى زيادة احتمال نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الرابع من عام 2020، ورغم أن القراءات الشهرية الأخيرة تراجعت إلى منطقة الانكماش (48.7 نقطة في يناير 2021)، بحسب تقرير البنك.
ووفقا للتقرير يبدو أن هذا الانتعاش قد أصبح أكثر شمولية مما أدى إلى استجابة قوية على صعيد التوظيف، وهو الأمر الذي انعكس في التراجع المستمر لمعدل البطالة والذي وصل إلى 7.2% في الربع الرابع من عام 2020 مقابل 9.6% في الربع الثاني من نفس العام، مما يشير إلى اقتراب عودة أنشطة الأعمال من مستوياتها الاعتيادية.
وتشير توقعات البنك إلى تحسن الأداء الاقتصادي في الفترات القادمة على أمل تحقيق تقدم مستدام في حملة التطعيم وتسارع وتيرة انتعاش الاقتصاد العالمي.
ومن المتوقع أن يصل النمو إلى حوالي 2.8% في السنة المالية 2020/2021، وأن ينتعش بقوة إلى حوالي 5% على المدى المتوسط على خلفية الاستفادة من التزام السلطات بالإصلاحات واستمرار دعم صندوق النقد الدولي.
ونوه التقرير إلى أن الآفاق النمو الاقتصادي ما زالت غير مؤكدة، وذلك نظراً للزيادة المستمرة في حالات الإصابة بفيروس كورونا وإمكانية تفشي السلالات المتحورة الجديدة، مما قد يؤدي إلى إعادة فرض إجراءات الإغلاق والتأثير سلباً على النمو الاقتصادي في مصر والعالم.
وبحسب التقرير ان الحكومة واصلت جهودها لمعالجة عجز الميزانية من خلال تطبيق مجموعة من التدابير المالية بما في ذلك إعادة هيكلة وتحديث الأنظمة الضريبية وإصلاح الدعوم. وعلى الرغم من تفشي الجائحة، إلا ان مستوى العجز بلغ 4.4% تقريباً من الناتج المحلي الإجمالي خلال الأشهر السبعة الأولى من السنة المالية الحالية 2020/ 2021 (يوليو – يناير) مقابل 4.6% في الفترة المماثلة من العام الماضي.
وأوضح بنك الكويت الوطني أن ذلك يعود الفضل في ذلك لتحسن الإيرادات (نمو بنسبة 16% على أساس سنوي)، الأمر الذي ساهم في تعويض زيادة النفقات (12.4%) بسبب النفقات اللازمة للتعامل مع الجائحة وتخفيف حدة تداعياتها، مما أدى إلى تحقيق فائض أولي بقيمة 1.2 مليار دولار (حوالي 0.5% تقريباً من الناتج المحلي الإجمالي).
وتتوقع الحكومة أن ينكمش عجز الميزانية من 7.9% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2019/2020 إلى 6.3% في السنة المالية الحالية فيما يعزى جزئياً إلى انخفاض تكاليف خدمة الدين في ظل الجهود الحكومية التي قامت بتمديد آجال استحقاق الديون للاستفادة من انخفاض أسعار الفائدة.
ومن المقرر أن يتم تمويل العجز المتوقع محلياً من خلال أذون وسندات الخزانة بالجنيه المصري وكذلك الاقتراض الخارجي مع الاستفادة من بيئة أسعار الفائدة العالمية المنخفضة.
وشهد أحدث إصدار من السندات الدولارية بقيمة 3.75 مليار دولار على ثلاث شرائح (5 و10 و 40 سنة) اقبالاً ملحوظاً انعكس في انخفاض العائد نسبياً خاصة لفئة السندات لأجل 5 سنوات (3.875% و 5.875% و 7.5% على التوالي).
وتشير تقديرات الموازنة المعدلة للسنة المالية 2020/2021 إلى ارتفاع هامشي لنسبة الدين العام من الناتج المحلي الإجمالي، لتصل إلى 82.7% (مقابل 82.5% في السنة المالية 2019/2020)، إلا انه من المقرر ان تتراجع تلك النسبة إلى 77.5% بنهاية يونيو 2022، بحسب التقرير الصادر عن البنك.
تعرض الحساب الجاري الخارجي للضغوط نظراً لتأثر بعض قطاعات التصدير الرئيسية بالجائحة، إذ اتسع العجز إلى 2.8 مليار دولار (2.7% من الناتج المحلي الإجمالي) في الربع الأول من السنة المالية 2020/2021 (يوليو-سبتمبر) مقابل 1.4 مليار دولار (1.5% من الناتج المحلي الإجمالي) في الفترة المماثلة من العام السابق، إلا انه تحسن مقارنة بالربع السابق.
وشهد قطاع السياحة، الذي يعد أحد المصادر الرئيسية للنقد الأجنبي، انخفاضاً حاداً في الإيرادات إلى 801 مليون دولار خلال الفترة نفسها مقابل 4.2 مليار دولار في نفس الفترة من العام السابق، بينما انخفض صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 31% على أساس سنوي وصولاً إلى 1.6 مليار دولار.
أما على الصعيد الإيجابي، ارتفعت تحويلات المصريين العاملين في الخارج بنسبة 19.6% إلى 8.0 مليار دولار في الربع الثالث من عام 2020 فيما يعزى على الأرجح للإسراع إلى تحويل المدخرات في ظل الحالة الضبابية التي تسود سوق العمل. ومستقبلياً، يتوقع أن يصل عجز الحساب الجاري إلى نسبة 4.0% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2020/2021 قبل أن يتحسن إلى حوالي 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي في السنوات القادمة.
وعلى الرغم من الضغوط الاقتصادية الناجمة عن الموجة الأخيرة من تفشي الفيروس، استمر تحسن الاحتياطيات الأجنبية على مدار ثمانية أشهر متتالية. وزادت الاحتياطيات إلى 40.1 مليار دولار في يناير (حوالي ثمانية أشهر من واردات السلع الأساسية) مقابل 36 مليار دولار في مايو الماضي والذي يعد أدنى المستويات المسجلة خلال الجائحة. ويعود الفضل في هذا التحسن لتحرك مصر نحو تأمين المزيد من المصدات المالية (دعم صندوق النقد الدولي والاقتراض الخارجي) وتسارع وتيرة تدفقات رؤوس الأموال مؤخراً.
من جهة أخرى، ارتفع الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي بدعم من أساسيات الاقتصاد الكلي وتدفقات رؤوس الأموال. إذ ارتفع الجنيه المصري بنسبة 2% مقابل الدولار الأمريكي في عام 2020 وواصل ارتفاعه هامشياً منذ بداية العام الحالي.
وبلغ متوسط سعر تداول الدولار الأمريكي 15.6 جنيه في فبراير مقابل 15.7 جنيه في يناير. كما يعكس ارتفاع قيمة الجنيه المصري أيضاً تحسن أداء الاقتصاد الكلي واتباع السياسة النقدية الملائمة التي أبقت أسعار الفائدة الحقيقية مرتفعة نسبياً (برجاء النظر أدناه) هذا إلى جانب تزايد مستويات الثقة بفضل استمرار وتيرة الإصلاحات التي لم تتراجع منذ تعويم الجنيه المصري وهو الإجراء الذي أسفر عن نتائج اقتصادية جيدة.
أدت الإصلاحات الاقتصادية إلى استقرار الاقتصاد الكلي واتخاذ التضخم لاتجاه هبوطي، والذي ساهم مؤخراً في دعمه وضع الحكومة لعدد من التدابير المحددة التي تهدف إلى تجنب نقص المواد الغذائية. وبلغ معدل التضخم في الحضر 4.3% على أساس سنوي في يناير 2021 فيما يعزى بصفة رئيسية لانخفاض أسعار المواد الغذائية والمشروبات المحلية، ويعد هذا المعدل أقل من المستوى الجديد المستهدف من قبل البنك المركزي للربع الرابع من عام 2022 والبالغ 7% (± 2%). كما تباطأ معدل التضخم الأساسي إلى 3.6% على أساس سنوي مقابل 3.8% في ديسمبر.
وخلال الأشهر المقبلة، قد يرتفع معدل التضخم في ضوء الارتفاع الأخير في أسعار السلع والطاقة وإمكانية تزايد الطلب مع انتعاش النشاط الاقتصادي. إلا أننا نتوقع أن يظل معدل التضخم تحت السيطرة بصفة عامة في ظل مواصلة السلطات للجهود الإصلاحية وما دامت الأسس الاقتصادية هي التي تتحكم في استقرار سعر الصرف.
وأبقى البنك المركزي المصري على أسعار الفائدة دون تعديل في اول اجتماعاته المنعقدة في عام 2021 (4 فبراير) بعد خفضه لأسعار الفائدة بمعدل تراكمي بلغ 400 نقطة أساس في عام 2020. ويأتي هذا القرار نتيجة لضرورة الإبقاء على ارتفاع معدلات الفائدة الحقيقية مقارنة بالدول الناشئة الأخرى لجذب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية وتجنب أي انعكاسات مفاجئة في ظل تقلب أوضاع الاقتصاد العالمي.
ومع بقاء معدل التضخم ضمن النطاق المستهدف، سيتاح للبنك المركزي المصري المجال لخفض معدل الفائدة خلال العام الحالي (ربما بمقدار 100 نقطة أساس) لتعزيز الانتعاش الاقتصادي وتقليل تكاليف خدمة الدين الحكومي.
حافظ القطاع المصرفي على أداء جيد في ظل النمو الائتماني القوي، إذ قدمت السلطات حزمة من التدابير اللازمة لمساعدة المقترضين المتضررين بشدة. وفي واقع الأمر، ظلت نسبة القروض المتعثرة منخفضة، إذ بلغت 3.4% في الربع الثالث من عام 2020 (مقابل 3.9% و 4.1% في الربعين الثاني والأول من عام 2020 على التوالي).
في حين ارتفع عرض النقد بمفهومة الواسع (ن2) بنسبة 19.7% على أساس سنوي في ديسمبر 2020. كما تسارعت وتيرة نمو الائتمان المحلي بقوة إلى 23% في ديسمبر 2020 مقابل 7.6% في العام السابق، وذلك بفضل انخفاض أسعار الفائدة، وبصفة خاصة، الإجراءات الحكومية التي ساهمت في تشجيع الإقراض، خاصة للشركات الصغيرة والمتوسطة ومؤسسات التمويل الأصغر.
وأعلن البنك المركزي المصري مؤخراً عن زيادة نسبة محافظ القروض لتلك المؤسسات (بموجب بعض شروط الاقتراض الميسرة) إلى 25% بهدف تعزيز الشمول المالي وخلق فرص عمل للشباب المصري، ونتيجة لذلك، فانه يتوقع خلال العامين المقبلين أن يظل نمو الائتمان مرتفعاً على الرغم من أنه قد يتباطأ قليلاً عن أعلى مستوياته (بمعدلات أحادية الرقم متوسطة إلى مرتفعة) في ظل تلاشي تأثير إجراءات دعم الائتمان المطبقة مؤخراً.
حققت مصر أداءً جيداً في عام 2020 مقارنة بالأسواق الناشئة الأخرى في ظل مضي الإصلاحات بخطى حثيثة وبدعم من المجتمع الدولي. وعلى المدى القريب، تتمثل المخاطر المحيطة بآفاق النمو بصفة رئيسية في حالة عدم اليقين التي تحيط بانتعاش النمو العالمي ونجاح حملة التطعيم. وقد يؤدي الارتفاع الأخير في حالات الإصابة بالفيروس، بما في ذلك السلالات المتحورة الجديدة، وفرض إجراءات إغلاق جديدة إلى التأثير سلباً على النشاط الاقتصادي.
أما على المدى البعيد، فمن المتوقع أن يظل أداء الاقتصاد المصري قوياً طالما ظلت السلطات ملتزمة بالمضي قدماً في الإصلاحات، على الرغم من استمرار بعض المخاطر، وفي ظل استقرار أوضاع الاقتصاد الكلي، يتطلب الوصول إلى مستوى أفضل من النمو الاقتصادي المستدام التركيز على التحديات الهيكلية للبلاد.
كما يجب على القطاع الخاص لعب دوراً أكبر في دفع عجلة النمو، والحد من الفقر، وخلق فرص عمل لعدد كبير من الشباب المصريين الذين يدخلون سوق العمل، وسوف يؤدي تحسين بيئة الاستثمارات امام القطاع الخاص المحلي والأجنبي إلى تقليل الاعتماد على رؤوس الأموال الأجنبية.
التي إذا استمر الاعتماد عليها على المدى الطويل قد ترتفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى مستويات لا يمكن تحملها، ويجعل الاقتصاد أكثر عرضة للصدمات الخارجية وتدفق رؤوس الأموال إلى الخارج.